فصل: فَصْلٌ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: شرح المحلي على المنهاج



. باب القسمة:

(قَدْ يُقَسِّمُ) الْمُشْتَرِكُ (الشُّرَكَاءَ أَوْ مَنْصُوبَهُمْ أَوْ مَنْصُوبَ الْإِمَامِ وَشَرْطُ مَنْصُوبِهِ ذَكَرٌ حُرٌّ عَدْلٌ عَلِمَ الْمِسَاحَةَ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (وَالْحِسَابَ) وَلَا يُشْتَرَطُ فِي مَنْصُوبِهِمْ الْعَدَالَةُ وَالْحُرِّيَّةُ لِأَنَّهُ وَكِيلٌ عَنْهُمْ وَمَنْصُوبُ الْإِمَامِ مُلْزَمٌ بِالْإِقْرَاعِ (فَإِنْ كَانَ فِيهَا تَقْوِيمٌ وَجَبَ قَاسِمَانِ) لِاشْتِرَاطِ الْعَدَدِ فِي الْمُقَوِّمِ (وَإِلَّا فَقَاسَمَ وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقِ (اثْنَانِ) بِنَاءً لِلْقَوْلَيْنِ عَلَى أَنَّ مَنْصِبَ الْقَاسِمِ مَنْصِبُ الْحَاكِمِ أَوْ مَنْصِبُ الشَّاهِدِ وَالْكَلَامُ فِي مَنْصُوبِ الْإِمَامِ وَلَوْ فَوَّضَ الشُّرَكَاءُ الْقِسْمَةَ إلَى وَاحِدٍ بِالتَّرَاضِي جَازَ قَطْعًا (وَلِلْإِمَامِ جَعْلُ الْقَاسِمِ حَاكِمًا فِي التَّقْوِيمِ فَيَعْمَلُ فِيهِ بِعَدْلَيْنِ وَيَقْسِمُ) بِنَفْسِهِ (وَيَجْعَلُ الْإِمَامَ رِزْقَ مَنْصُوبِهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِيهِ مَالٌ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ (فَأُجْرَتُهُ عَلَى الشُّرَكَاءِ فَإِنْ اسْتَأْجَرُوهُ وَسَمَّى كُلٌّ) مِنْهُمْ (قَدْرًا لَزِمَهُ وَإِلَّا)، بِأَنْ أَطْلَقُوا الْمُسَمَّى (فَالْأُجْرَةُ مُوَزَّعَةٌ عَلَى الْحِصَصِ وَفِي قَوْلٍ) مِنْ طَرِيقٍ (عَلَى الرُّءُوسِ) لِأَنَّ الْعَمَلَ يَقَعُ لَهُمْ جَمِيعًا (ثُمَّ مَا عَظُمَ الضَّرَرُ فِي قِسْمَتِهِ كَجَوْهَرَةٍ وَثَوْبٍ نَفِيسَيْنِ وَزَوْجَيْ خُفٍّ إنْ طَلَبَ الشُّرَكَاءُ كُلُّهُمْ قِسْمَتَهُ لَمْ يُجِبْهُمْ الْقَاضِي، وَلَا يَمْنَعُهُمْ إنْ قَسَمُوا بِأَنْفُسِهِمْ إنْ لَمْ تَبْطُلْ مَنْفَعَتُهُ كَسَيْفٍ يَكْسِرُ)، بِخِلَافِ مَا تَبْطُلُ مَنْفَعَتُهُ فَيَمْنَعُهُمْ لِأَنَّهُ سَفَهٌ (وَمَا يُبْطِلُ نَفْعُهُ الْمَقْصُودَ كَحَمَّامٍ وَطَاحُونَةٍ صَغِيرَيْنِ لَا يُجَابُ طَالِبُ قِسْمَتِهِ فِي الْأَصَحِّ)، لِمَا فِيهَا مِنْ الضَّرَرِ وَالثَّانِي يُجَابُ لِدَفْعِهَا ضَرَرَ الشَّرِكَةِ (فَإِنْ أَمْكَنَ جَعْلُهُ حَمَّامَيْنِ) أَوْ طَاحُونَتَيْنِ (أُجِيبُ) وَإِنْ اُحْتِيجَ إلَى إحْدَاثِ بِئْرٍ أَوْ مُسْتَوْقَدٍ (وَلَوْ كَانَ لَهُ عُشْرُ دَارٍ لَا يَصْلُحُ لِسُكْنَى، وَالْبَاقِي لِآخَرَ) يَصْلُحُ لِلسُّكْنَى (فَالْأَصَحُّ إجْبَارُ صَاحِبِ الْعُشْرِ بِطَلَبِ صَاحِبِهِ دُونَ عَكْسِهِ) أَيْ لَا يُجْبَرُ صَاحِبُ الْبَاقِي بِطَلَبِ صَاحِبِ الْعُشْرِ وَالْفَرْقُ أَنَّ صَاحِبَ الْعُشْرِ مُتَعَنِّتٌ فِي طَلَبِهِ، وَالْآخَرُ مَعْذُورٌ وَوَجْهُ الْمَرْجُوحِ فِي الْأُولَى ضَرَرُ صَاحِبِ الْعُشْرِ وَفِي الثَّانِيَةِ تَمْيِيزُ مِلْكِهِ (وَمَا لَا يَعْظُمُ ضَرَرُهُ قِسْمَتُهُ أَنْوَاعٌ أَحَدُهَا بِالْأَجْزَاءِ كَمِثْلِيٍّ) مِنْ حُبُوبٍ وَدَرَاهِمَ أَوْ ضَمَانٍ وَغَيْرِهَا (وَدَارٍ مُتَّفِقَةِ الْأَبْنِيَةِ وَأَرْضٍ مُشْتَبِهَةِ الْأَجْزَاءِ فَيُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ) عَلَيْهَا إذْ لَا ضَرَرَ عَلَيْهِ فِيهَا (فَتَعْدِلُ السِّهَامَ كَيْلًا) فِي الْمَكِيلِ (أَوْ وَزَنَى) فِي الْمَوْزُونِ (أَوْ ذَرْعًا) فِي الْمَذْرُوعِ وَالْأَرْضِ (بِعَدَدِ الْأَنْصِبَاءِ إنْ اسْتَوَتْ) كَلِأَثْلَاثٍ لِزَيْدٍ وَعَمْرٍو وَبَكْرٍ (وَيَكْتُبُ فِي كُلِّ رُقْعَةٍ اسْمَ شَرِيكٍ أَوْ جُزْءٍ مُمَيَّزٍ بِحَدٍّ أَوْ جِهَةٍ) مَثَلًا (وَتُدْرَجُ فِي بَنَادِقَ مُسْتَوِيَةٍ) وَزْنًا وَشَكْلًا مِنْ طِين مُجَفَّفٍ أَوْ شَمْعٍ (ثُمَّ يَخْرُجُ مَنْ لَمْ يَحْضُرْهَا) أَيْ الرِّقَاعَ حِينَ الْكِتَابَةِ وَالْإِدْرَاجِ بَعْدَ جَعْلِهَا فِي حَجَرٍ مَثَلًا (رُقْعَةً عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ إنْ كَتَبَ الْأَسْمَاءَ فَيُعْطِي مَنْ خَرَجَ اسْمُهُ أَوْ عَلَى اسْمِ زَيْدٍ إنْ كَتَبَ الْأَجْزَاءَ) فَيُعْطِي ذَلِكَ الْجُزْءَ وَيَفْعَلُ كَذَلِكَ فِي الرُّقْعَةَ الثَّانِيَةَ فَيَخْرُجُهَا عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي أَوْ عَلَى اسْمِ عَمْرٍو وَتَتَعَيَّنُ الثَّالِثَةُ لِلْبَاقِي إنْ كَانَتْ أَثْلَاثًا وَتَعْيِينُ مَنْ يُبْتَدَأُ بِهِ مِنْ الشُّرَكَاءِ وَالْأَجْزَاءِ مَنُوطٍ بِنَظَرِ الْقَاسِمِ (فَإِنْ اخْتَلَفَتْ الْأَنْصِبَاءُ كَنِصْفٍ وَثُلُثٍ وَسُدُسٍ) فِي أَرْضٍ (جُزِّئَتْ الْأَرْضُ عَلَى أَقَلِّ السِّهَامِ) وَهُوَ السُّدُسُ فَتَكُونُ سِتَّةَ أَجْزَاءٍ (وَقُسِّمَتْ كَمَا سَبَقَ وَيُحْتَرَزُ عَنْ تَفْرِيقِ حِصَّةِ وَاحِدٍ) وَهُوَ فِي غَيْرِ الْأَقَلِّ فِي كِتَابَةِ الْأَجْزَاءِ فِي سِتِّ رِقَاعٍ إذَا بُدِئَ بِصَاحِبِ السُّدُسِ وَخَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الثَّانِي أَوْ الْخَامِسُ فَيُفَرَّقُ حِصَّةُ غَيْرِهِ، فَيَبْدَأُ بِمَنْ لَهُ النِّصْفُ مَثَلًا فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الْأَوَّلُ وَالثَّانِي أُعْطِيَهُمَا وَالثَّالِثُ وَيُثْنِي بِصَاحِبِ الثُّلُثِ فَإِنْ خَرَجَ عَلَى اسْمِهِ الْجُزْءُ الرَّابِعُ أُعْطِيَهُ وَالْخَامِسُ وَتَعَيَّنَ السَّادِسُ لِصَاحِبِ السُّدُسِ، وَفِي كِتَابَةِ الْأَسْمَاءِ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ فِي ثَلَاثِ رِقَاعٍ، أَوْ سِتٍّ إنْ خَرَجَ اسْمُ بَكْرٍ صَاحِبِ السُّدُسِ عَلَى الْجُزْءِ الْأَوَّلِ أَخَذَهُ وَإِنْ خَرَجَ عَلَى الْجُزْءِ الثَّانِي اسْمُ عَمْرٍو صَاحِبِ الثُّلُثِ أَخَذَهُ مَعَ الثَّالِثِ وَتَعَيَّنَتْ الثَّلَاثَةُ الْبَاقِيَةُ لِزَيْدٍ صَاحِبِ النِّصْفِ وَلَا يَخْفَى الْحُكْمُ لَوْ خَرَجَ اسْمُ زَيْدٍ قَبْلَ اسْمِ عَمْرٍو أَوْ أَحَدُهُمَا أَوَّلًا وَتَوَسَّطَ بَيْنَهُمَا اسْمُ بَكْرٍ وَلَا تَفْرِيقَ لِحِصَّتِهِمَا فِي ذَلِكَ (الثَّانِي) مِنْ الْأَنْوَاعِ الْقِسْمَةُ (بِالتَّعْدِيلِ) بِأَنْ تَعْدِلَ السِّهَامُ بِالْقِيمَةِ (كَأَرْضٍ تَخْتَلِفُ قِيمَةُ أَجْزَائِهَا بِحَسَبِ قُوَّةِ إنْبَاتٍ وَقُرْبِ مَاءٍ) فَإِذَا كَانَتْ لِاثْنَيْنِ نِصْفَيْنِ وَقِيمَةُ ثُلُثِهَا الْمُشْتَمِلِ عَلَى مَا ذَكَرَ كَقِيمَةِ ثُلُثَيْهَا الْخَالِي عَنْ ذَلِكَ، جَعَلَ الثُّلُثَ سَهْمًا وَالثُّلُثَانِ سَهْمًا وَأَقْرَعَ بِكِتَابَةِ الِاسْمَيْنِ أَوْ الْجُزْأَيْنِ نَحْوَ مَا تَقَدَّمَ فَمَنْ خَرَجَ لَهُ جُزْءٌ أَخَذَهُ (وَيُجْبَرُ) الْمُمْتَنِعُ (عَلَيْهَا فِي الْأَظْهَرِ) إلْحَاقًا لِلتَّسَاوِي فِي الْقِيمَةِ بِالتَّسَاوِي فِي الْأَجْزَاءِ، وَالثَّانِي لَا يُجْبَرُ لِاخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ وَالْمَنَافِعِ وَعَلَى الْأَوَّلِ أُجْرَةُ الْقَاسِمِ بِحَسَبِ الْمَأْخُوذِ وَقِيلَ بِحَسَبِ الشَّرِكَةِ فِي الْأَصْلِ.
(وَلَوْ اسْتَوَتْ قِيمَةُ دَارَيْنِ أَوْ حَانُوتَيْنِ) لِاثْنَيْنِ بِالسَّوِيَّةِ (فَطَلَبَ جَعْلَ كُلٍّ) مِنْهُمَا (لِوَاحِدٍ فَلَا إجْبَارَ) فِي ذَلِكَ تَجَاوَرَ مَا ذَكَرَ أَوْ تَبَاعَدَ لِشِدَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ بِاخْتِلَافِ الْمَالِ وَالْأَبْنِيَةِ (أَوْ) قِيمَةِ (عَبِيدٍ أَوْ ثِيَابٍ مِنْ نَوْعٍ أُجْبِرَ)، الْمُمْتَنِعُ لِقِلَّةِ اخْتِلَافِ الْأَغْرَاضِ فِيهَا (أَوْ نَوْعَيْنِ) كَعَبْدَيْنِ تُرْكِيٌّ وَهِنْدِيٌّ وَثَوْبَيْنِ إبْرَيْسَمَ وَكَتَّانَ (فَلَا) إجْبَارَ فِي ذَلِكَ (الثَّالِثُ) مِنْ الْأَنْوَاعِ الْقِسْمَةُ (بِالرَّدِّ بِأَنْ يَكُونَ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ) مِنْ الْأَرْضِ (بِئْرٌ أَوْ شَجَرٌ لَا يُمْكِنُ قِسْمَتُهُ فَيَرُدُّ مَنْ يَأْخُذُهُ) بِالْقِسْمَةِ بِأَنْ خَرَجَ لَهُ بِالْقُرْعَةِ (قِسْطُ قِيمَتِهِ) فَإِنْ كَانَتْ أَلْفًا وَلَهُ النِّصْفُ رَدَّ خَمْسَمِائَةٍ (وَلَا إجْبَارَ فِيهِ وَهُوَ بَيْعٌ) وَقِيلَ فِيمَا يُقَابِلُ الْمَرْدُودَ وَفِيمَا سِوَاهُ الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ التَّعْدِيلِ (وَكَذَا التَّعْدِيلُ) بَيْعٌ (عَلَى الْمَذْهَبِ) وَقِيلَ فِيهَا الْخِلَافُ فِي قِسْمَةِ الْأَجْزَاءِ (وَقِسْمَةُ الْأَجْزَاءِ إفْرَازٌ فِي الْأَظْهَرِ) وَالثَّانِي بَيْعٌ وَدُخُولُ الْإِجْبَارِ فِيهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهِ وَمَعْنَى أَنَّ الْقِسْمَةَ إفْرَازٌ أَنَّهَا تُبَيِّنُ أَنَّ مَا خَرَجَ لِكُلٍّ مِنْ الشَّرِيكَيْنِ مَثَلًا هُوَ الَّذِي مَلَكَهُ، وَوَجْهُ أَنَّهَا بَيْعٌ أَنَّهَا لَمَّا انْفَرَدَ بِهَا كُلٌّ مِنْ الشِّرْكَيْنِ بِبَعْضِ الْمُشْتَرِكِ بَيْنَهُمَا كَأَنَّهُ بَاعَ كُلٌّ مِنْهُمَا مَا كَانَ لَهُ مِمَّا انْفَرَدَ بِهِ صَاحِبُهُ، بِمَا كَانَ لِصَاحِبِهِ مِمَّا انْفَرَدَ هُوَ بِهِ وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهَا لَفْظُ الْبَيْعِ (وَيُشْتَرَطُ فِي) قِسْمَةِ (الرَّدِّ الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ) كَمَا فِي الِابْتِدَاءِ (وَلَوْ تَرَاضَيَا بِقِسْمَةِ مَا لَا إجْبَارَ فِيهِ اشْتَرَطَ الرِّضَا بَعْدَ الْقُرْعَةِ فِي الْأَصَحِّ كَقَوْلِهِمَا رَضِينَا بِهَذِهِ الْقِسْمَةِ أَوْ بِمَا أَخْرَجَتْهُ الْقُرْعَةُ) اعْتَرَضَ قَوْلُهُ لَا إجْبَارَ فِيهِ بِأَنَّ صَوَابَهُ عَكْسُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ الْقِسْمَةُ الَّتِي يُجْبَرُ عَلَيْهَا إذَا جَرَتْ بِالتَّرَاضِي إلَى آخِرِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ مَا انْتَفَى فِيهِ الْإِجْبَارُ مِمَّا هُوَ مَحَلُّهُ وَهُوَ أَصْرَحُ فِي الْمُرَادِ مِمَّا فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا قِسْمَةُ الْإِجْبَارِ لَا يُعْتَبَرُ فِيهَا، التَّرَاضِي لَا عِنْدَ إخْرَاجِ الْقُرْعَةِ وَلَا بَعْدَهَا وَإِذَا تَرَاضَيَا بِقَاسِمٍ يَقْسِمُ بَيْنَهُمَا فَهَلْ يُشْتَرَطُ الرِّضَا بَعْدَ خُرُوجِ الْقُرْعَةِ أَمْ يَكْفِي الرِّضَا الْأَوَّلُ قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الِاشْتِرَاطُ (وَلَوْ ثَبَتَ بَيِّنَةُ غَلَطٍ أَوْ حَيْفٍ فِي قِسْمَةِ إجْبَارِ نَقْضٍ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ بَيِّنَةٌ وَادِّعَاءُ وَاحِدٍ) مِنْ الشَّرِيكَيْنِ (فَلَهُ تَحْلِيفُ شَرِيكِهِ) فَإِنْ نَكَلَ وَحَلَفَ الْمُدَّعِي نُقِضَتْ الْقِسْمَةُ.
(وَلَوْ ادَّعَاهُ فِي قِسْمَةِ تَرَاضٍ) بِأَنْ نَصَبَا قَاسِمًا أَوْ اقْتَسَمَا بِأَنْفُسِهِمَا وَرَضِيَا بَعْدَ الْقِسْمَةِ (وَقُلْنَا هِيَ بَيْعٌ فَالْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِلْغَلَطِ فَلَا فَائِدَةَ لِهَذِهِ الدَّعْوَى)، وَالثَّانِي لَهُ أَثَرٌ لِأَنَّهُمَا تَرَاضَيَا لِاعْتِقَادِهِمَا أَنَّهَا قِسْمَةُ عَدْلٍ فَتُنْقَضُ الْقِسْمَةُ إنْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْغَلَطِ وَيَحْلِفُ الشَّرِيكُ إنْ لَمْ تَقُمْ (قُلْت) كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ (وَإِنْ قُلْنَا إفْرَازٌ نُقِضَتْ إنْ ثَبَتَ) الْغَلَطُ (وَإِلَّا فَيَحْلِفُ شَرِيكُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) (وَلَوْ اسْتَحَقَّ بَعْضُ الْمَقْسُومِ شَائِعًا) كَالثُّلُثِ (بَطَلَتْ فِيهِ وَالْبَاقِي خِلَافُ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ) فَفِي قَوْلٍ يَبْطُلُ فِيهِ أَيْضًا، وَالْأَظْهَرُ يَصِحُّ وَيَثْبُتُ الْخِيَارُ (أَوْ مِنْ النَّصِيبَيْنِ مُعَيَّنٌ سَوَاءً) بِالنَّصْبِ (بَقِيَتْ) أَيْ الْقِسْمَةُ فِي الْبَاقِي (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ كَانَ الْمُعَيَّنُ مِنْ أَحَدِهِمَا أَكْثَرَ مِنْ الْمُعَيَّنِ مِنْ الْآخَرِ (بَطَلَتْ) تِلْكَ الْقِسْمَةُ لِأَنَّ مَا بَقِيَ لِكُلِّ وَاحِدٍ لَا يَكُونُ قَدْرَ حَقِّهِ بَلْ يَحْتَاجُ أَحَدُهُمَا إلَى الرُّجُوعِ عَلَى الْآخَرِ وَتَعُودُ الْإِشَاعَةُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

. كتاب الشهادات:

جَمْعُ شَهَادَةٍ وَتَتَحَقَّقُ بِشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ لَهُ وَمَشْهُودٍ عَلَيْهِ وَمَشْهُودٍ بِهِ وَتَأْتِي الْأَرْبَعَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (شَرْطُ الشَّاهِدِ مُسْلِمٌ حُرٌّ مُكَلَّفٌ عَدْلٌ ذُو مُرُوءَةٍ غَيْرُ مُتَّهَمٍ) فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ أَضْدَادِهِمْ وَسَكَتَ عَنْ النُّطْقِ؛ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَا تَأْتِي بِهِ بِدُونِهِ.
(وَشَرْطُ الْعَدَالَةِ) الْمُحَقَّقُ لَهَا (اجْتِنَابُ الْكَبَائِرِ) أَيْ كُلٍّ مِنْهَا (وَ) اجْتِنَابُ (الْإِصْرَارِ عَلَى صَغِيرَةٍ) فَبِارْتِكَابِ كَبِيرَةٍ أَوْ إصْرَارٍ عَلَى صَغِيرَةٍ مِنْ نَوْعٍ أَوْ أَنْوَاعٍ تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ إلَّا أَنْ تَغْلِبَ طَاعَاتُ الْمُصِرِّ عَلَى مَا أَصَرَّ عَلَيْهِ فَلَا تَنْتَفِي الْعَدَالَةُ عَنْهُ وَمِنْ الْكَبَائِرِ: الْقَتْلُ وَالزِّنَا وَاللِّوَاطُ وَشُرْبُ الْخَمْرِ الْقَدْرِ الْمُسْكِرِ وَغَيْرِهِ، وَالسَّرِقَةُ وَالْقَذْفُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ وَمِنْ الصَّغَائِرِ النَّظَرُ إلَى مَا لَا يَجُوزُ وَالْغِيبَةُ وَالسُّكُوتُ عَلَيْهَا وَالْكَذِبُ الَّذِي لَا حَدَّ فِيهِ وَلَا ضَرَرَ وَالْإِشْرَافُ عَلَى بُيُوتِ النَّاسِ، وَهَجْرُ الْمُسْلِمِ فَوْقَ ثَلَاثٍ وَالْجُلُوسُ مَعَ الْفُسَّاقِ إينَاسًا لَهُمْ (وَيَحْرُمُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ عَلَى الصَّحِيحِ) لِحَدِيثِ أَبِي دَاوُد «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» وَفِي حَدِيثِ مُسْلِمٍ «فَكَأَنَّمَا غَمَسَ يَدَهُ فِي لَحْمِ خِنْزِيرٍ وَدَمِهِ» أَيْ وَذَلِكَ حَرَامٌ وَالثَّانِي يُكْرَهُ كَالشِّطْرَنْجِ (وَيُكْرَهُ) اللَّعِبُ (بِشِطْرَنْجٍ) بِكَسْرِ أَوَّلِهِ الْمُعْجَمِ وَالْمُهْمَلِ وَفَتْحِهِ؛ لِأَنَّهُ صَرْفُ الْعُمْرِ إلَى مَا لَا يُجْدِي (فَإِنْ شُرِطَ فِيهِ مَالٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ) أَيْ أَنَّ مَنْ غَلَبَ مِنْ اللَّاعِبَيْنِ كَانَ لَهُ عَلَى الْآخَرِ كَذَا (فَقِمَارٌ) مُحَرَّمٌ فَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا شُرِطَ مِنْ جَانِبِ أَحَدِ اللَّاعِبَيْنِ أَيْ إنْ غُلِبَ بِضَمِّ أَوَّلِهِ بَذَلَهُ لِلْآخَرِ وَإِنْ غَلَبَ أَمْسَكَهُ فَلَيْسَ بِقِمَارٍ فَلَا تُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ لَكِنَّهُ عَقْدُ مُسَابَقَةٍ عَلَى غَيْرِ آلَةِ قِتَالٍ فَلَا يَصِحُّ.
(وَيُبَاحُ الْحُدَاءُ) بِضَمِّ الْحَاءِ وَالْمَدِّ، (وَسَمَاعُهُ) وَهُوَ مَا يُقَالُ خَلْفَ الْإِبِلِ مِنْ رَجَزٍ وَغَيْرِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ تَنْشِيطِهَا لِلسَّيْرِ وَإِيقَاظِ النُّوَّامِ، (وَيُكْرَهُ الْغِنَاءُ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ وَالْمَدِّ (بِلَا آلَةٍ وَسَمَاعُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ اللَّهْوِ، (وَيَحْرُمُ اسْتِعْمَالُ آلَةٍ مِنْ شِعَارِ الشَّرَبَةِ) لِلْخَمْرِ (كَطُنْبُورِ وَعُودٍ وَصَنْجٍ وَمِزْمَارٍ عِرَاقِيٍّ وَاسْتِمَاعُهَا)؛ لِأَنَّهَا تُطْرِبُ (لَا يَرَاعٍ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّهُ يُنَشِّطُ عَلَى السَّيْرِ فِي السَّفَرِ (قُلْت الْأَصَحُّ تَحْرِيمُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)
قَالَ فِي الرَّوْضَةِ بَعْدَ تَصْحِيحِهِ أَيْضًا، وَهُوَ هَذِهِ الزَّمَّارَةُ الَّتِي يُقَالُ لَهَا الشَّبَّابَةُ (وَيَجُوزُ دُفٌّ لِعُرْسٍ وَخِتَانٍ، وَكَذَا غَيْرُهُمَا)، مِمَّا هُوَ سَبَبٌ لِإِظْهَارِ السُّرُورِ (فِي الْأَصَحِّ وَإِنْ كَانَ فِيهِ جُلَاجِلٌ) فِي وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ وَقِيلَ لَا يُبَاحُ مَا هِيَ فِيهِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا وَمُقَابِلُ الْأَصَحِّ فِي الثَّالِثِ لَا يَجُوزُ الْخَالِي عَنْهَا فِيهِ، (وَيَحْرُمُ ضَرْبُ الْكُوبَةِ وَهِيَ طَبْلٌ طَوِيلٌ ضَيِّقُ الْوَسَطِ) وَاسِعُ الطَّرَفَيْنِ لِحَدِيثِ «إنَّ اللَّهَ حَرَّمَ الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ وَالْكُوبَةَ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَابْنُ حِبَّانَ وَالْمَعْنَى فِيهِ التَّشَبُّهُ بِمَنْ يَعْتَادُ ضَرْبَهُ وَهُمْ الْمُخَنَّثُونَ قَالَهُ الْإِمَامُ (لَا الرَّقْصُ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِيهِ تَكَسُّرٌ كَفِعْلِ الْمُخَنِّثِ)، بِكَسْرِ النُّونِ وَبِالْمُثَلَّثَةِ فَيَحْرُمُ (وَيُبَاحُ قَوْلُ شَعْرٍ) أَيْ إنْشَاؤُهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ (وَإِنْشَادُهُ) وَاسْتِمَاعُهُ (إلَّا أَنْ يَهْجُوَ) فِيهِ وَلَوْ بِمَا هُوَ صَادِقٌ فِيهِ (أَوْ يُفْحِشَ) فِيهِ بِضَمِّ الْيَاءِ وَكَسْرِ الْحَاءِ، (أَوْ يُعَرِّضَ) وَفِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ يُشَبِّبَ فِيهِ (بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ) أَوْ غُلَامٍ مُعَيَّنٍ فَيَحْرُمُ وَتُرَدُّ بِهِ الشَّهَادَةُ بِخِلَافِ الْمُبْهَمَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ، وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ الْكَلَامِ لَا تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ (وَالْمُرُوءَةُ) لِلشَّخْصِ (تَخَلُّقٌ بِخُلُقِ أَمْثَالِهِ فِي زَمَانِهِ وَمَكَانِهِ فَالْأَكْلُ فِي سُوقٍ)، وَالشُّرْبُ فِيهَا لِغَيْرِ سُوقِيٍّ إلَّا إذَا غَلَبَهُ الْعَطَشُ وَمِثْلُهُ الْجُوعُ (وَالْمَشْيُ) فِيهَا (مَكْشُوفَ الرَّأْسِ) أَوْ الْبَدَنِ غَيْرَ الْعَوْرَةِ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ مِثْلُهُ، (وَقُبْلَةُ زَوْجَةٍ وَأَمَةٍ) لَهُ (بِحَضْرَةِ النَّاسِ وَإِكْثَارُ حِكَايَاتٍ مُضْحِكَةٍ) بَيْنَهُمْ (وَلُبْسُ فَقِيهٍ قَبَاءً وَقَلَنْسُوَةً حَيْثُ) أَيْ فِي بَلَدٍ (لَا يَعْتَادُ) لِلْفَقِيهِ (وَإِكْبَابٌ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ أَوْ) عَلَى (غِنَاءٍ أَوْ سَمَاعِهِ وَإِدَامَةِ رَقْصٍ يُسْقِطُهَا) أَيْ الْمُرُوءَةَ (وَالْأَمْرُ فِيهِ)، أَيْ فِي مُسْقِطِهَا (يَخْتَلِفُ بِالْأَشْخَاصِ وَالْأَحْوَالِ وَالْأَمَاكِنِ) فَيُسْتَقْبَحُ مِنْ شَخْصٍ دُونَ آخَرَ وَفِي حَالٍ دُونَ حَالٍ وَفِي بَلَدٍ دُونَ آخَرَ كَمَا عُلِمَ مِمَّا تَقَدَّمَ (وَحِرْفَةٌ دَنِيئَةٌ) بِالْهَمْزِ (كَحِجَامَةٍ وَكَنْسٍ وَدَبْغٍ مِمَّا لَا تَلِيقُ بِهِ) بالفوقانية (يُسْقِطُهَا) لِإِشْعَارِهِمَا بِالْخِسَّةِ (فَإِنْ اعْتَادَهَا وَكَانَتْ حِرْفَةَ أَبِيهِ فَلَا) تُسْقِطُهَا (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي نَعَمْ لِمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ لَمْ يَتَعَرَّضْ الْجُمْهُورُ لِهَذَا الْقَيْدِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَتَقَيَّدَ بِصَنْعَةِ آبَائِهِ أَيْ الْمَذْكُورِ فِي الشَّرْحِ بَلْ يُنْظَرُ هَلْ تَلِيقُ بِهِ هُوَ أَمْ لَا.
(وَالتُّهَمَةُ) بِضَمِّ التَّاءِ وَفَتْحِ الْهَاءِ فِي الشَّخْصِ (أَنْ يَجُرَّ إلَيْهِ) بِشَهَادَتِهِ (نَفْعًا أَوْ يَدْفَعَ عَنْهُ) بِهَا (ضَرَرًا فَتُرَدُّ شَهَادَتُهُ لِعَبْدِهِ) الْمَأْذُونِ لَهُ كَمَا فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ، (وَمُكَاتَبِهِ وَغَرِيمٍ لَهُ مَيِّتٍ أَوْ عَلَيْهِ حَجْرُ فَلَسٍ، وَبِمَا هُوَ وَكِيلٌ فِيهِ وَبِبَرَاءَةِ مَنْ ضَمِنَهُ) هُوَ (وَبِجِرَاحَةِ مُوَرِّثِهِ) غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ قَبْلَ انْدِمَالِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ، (وَلَوْ شَهِدَ لِمُوَرِّثٍ لَهُ مَرِيضٍ أَوْ جَرِيحٍ بِمَالٍ قَبْلَ الِانْدِمَالِ) وَهُوَ غَيْرُ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لَهُ، (قُبِلَتْ) شَهَادَتُهُ (فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي قَالَ: لَا كَالْجِرَاحَةِ لِلتُّهَمَةِ وَفُرِّقَ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الْجِرَاحَةَ سَبَبٌ لِلْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ، بِخِلَافِ الْمَالِ وَبَعْدَ الِانْدِمَالِ تُقْبَلُ قَطْعًا لِانْتِفَاءِ التُّهَمَةِ (وَتُرَدُّ شَهَادَةُ عَاقِلَةٍ بِفِسْقِ شُهُودِ قَتْلٍ) يَحْمِلُونَهُ مِنْ خَطَأٍ أَوْ شِبْهِ عَمْدٍ بِخِلَافِ شُهُودِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ شُهُودِ عَمْدٍ، وَذِكْرُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ هُنَا مَعَ تَقَدُّمِهَا فِي كِتَابِ دَعْوَى الدَّمِ لَا يُعَدُّ تَكَرُّرًا؛ لِأَنَّهُ لِلتَّمْثِيلِ، (وَ) تُرَدُّ شَهَادَةُ (غُرَمَاءِ مُفْلِسٍ بِفِسْقِ شُهُودِ دَيْنٍ آخَرَ)؛ لِأَنَّهُمْ يَدْفَعُونَ بِهَا ضَرَرَ الْمُزَاحَمَةِ (وَلَوْ شَهِدَ) أَيْ الشَّاهِدَانِ (لِاثْنَيْنِ بِوَصِيَّةٍ) مِنْ تَرِكَةٍ (فَشَهِدَا) أَيْ الِاثْنَانِ (لِلشَّاهِدَيْنِ بِوَصِيَّةٍ مِنْ تِلْكَ التَّرِكَةِ قُبِلَتْ الشَّهَادَتَانِ فِي الْأَصَحِّ) وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِاحْتِمَالِ الْمُوَاطَأَةِ، وَيُدْفَعُ بِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهَا مَعَ أَنَّ كُلَّ شَهَادَةٍ مُنْفَصِلَةٍ عَنْ الْأُخْرَى (وَلَا تُقْبَلُ) الشَّهَادَةُ (لِأَصْلٍ وَلَا فَرْعٍ) لِلشَّاهِدِ (وَتُقْبَلُ) مِنْهُ (عَلَيْهِمَا، وَكَذَا) تُقْبَلُ مِنْ ابْنَيْنِ (عَلَى أَبِيهِمَا بِطَلَاقِ ضَرَّةِ أُمِّهِمَا أَوْ قَذْفِهَا فِي الْأَظْهَرِ)، وَالثَّانِي الْمَنْعُ فَإِنَّهَا تَجُرُّ نَفْعًا إلَى الْأُمِّ فَالْقَذْفُ مُحْوِجٌ إلَى اللِّعَانِ الْمُسَبِّبِ لِلْفِرَاقِ وَالْأَوَّلُ قَالَ لَا عِبْرَةَ بِمِثْلِ هَذَا الْجَرِّ وَلَا تُقْبَلُ لِمُكَاتَبٍ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ وَمَأْذُونِهِمَا، (وَإِذَا شَهِدَ لِفَرْعٍ) أَوْ أَصْلٍ لَهُ (وَأَجْنَبِيٍّ قُبِلَتْ لِلْأَجْنَبَيْ فِي الْأَظْهَرِ) مِنْ قَوْلَيْ تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ وَالثَّانِي لَا تَفْرِيقَ فَلَا تُقْبَلُ لَهُ (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَتُقْبَلُ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ) مِنْ الْآخَرِ (وَلِأَخٍ) مِنْ أَخِيهِ (وَصَدِيقٍ) مِنْ صَدِيقِهِ (وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) إذْ لَا تُهْمَةَ.
(وَلَا تُقْبَلُ مِنْ عَدُوٍّ) لِشَخْصٍ عَلَيْهِ (وَهُوَ مَنْ يُبْغِضُهُ بِحَيْثُ يَتَمَنَّى زَوَالَ نِعْمَتِهِ وَيَحْزَنُ بِسُرُورِهِ وَيَفْرَحُ بِمُصِيبَتِهِ) وَذَلِكَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْجَانِبَيْنِ وَقَدْ يَكُونُ مِنْ أَحَدِهِمَا، (وَتُقْبَلُ لَهُ) أَيْ لِلْعَدُوِّ (، وَكَذَا عَلَيْهِ فِي عَدَاوَةِ دِينٍ كَكَافِرٍ وَمُبْتَدِعٍ) أَيْ غَيْرِ سُنِّيٍّ (وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُبْتَدِعٍ لَا نُكَفِّرُهُ) بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي صِفَاتِ اللَّهِ وَخَلْقِهِ، أَفْعَالَ عَبِيدِهِ وَجَوَازِ رُؤْيَتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّهُمْ مُصِيبُونَ فِي ذَلِكَ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ بِخِلَافِ مَنْ نُكَفِّرُهُ بِبِدْعَتِهِ كَمُنْكَرِي حُدُوثِ الْعَالَمِ وَالْبَعْثِ وَالْحَشْرِ لِلْأَجْسَامِ وَعِلْمِ اللَّهِ بِالْمَعْدُومِ وبالجزئيات لِإِنْكَارِهِمْ بَعْضَ مَا عُلِمَ مَجِيءُ الرَّسُولِ بِهِ ضَرُورَةً فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ، (لَا مُغَفَّلٍ لَا يَضْبِطُ وَلَا مُبَادِرٍ) بِالشَّهَادَةِ قَبْلَ أَنْ يُسْأَلَهَا فَكُلٌّ مِنْهُمْ مُتَّهَمٌ وَيُسْتَثْنَى مِنْ الثَّانِي مَا ذُكِرَ فِي قَوْلِهِ.
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ فِي حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى) كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ بِأَنْ يَشْهَدَ بِتَرْكِهَا، (وَفِيمَا لَهُ فِيهِ حَقٌّ مُؤَكَّدٌ كَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَعَفْوٍ عَنْ قِصَاصٍ وَبَقَاءِ عِدَّةٍ وَانْقِضَائِهَا)، بِأَنْ يَشْهَدَ بِمَا ذُكِرَ لِيَمْنَعَ مِنْ مُخَالَفَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (وَحَدٍّ لَهُ) تَعَالَى بِأَنْ يَشْهَدَ بِمُوجِبِهِ، وَالْأَفْضَلُ فِيهِ السِّتْرُ كَحَدِّ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ، (وَكَذَا النَّسَبُ عَلَى الصَّحِيحِ)؛ لِأَنَّ فِي وَصْلِهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى، وَالثَّانِي قَالَ هُوَ حَقٌّ لِآدَمِيٍّ وَحَقُّهُ كَالْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ وَالْبَيْعِ وَالْإِقْرَارِ لَا تُقْبَلُ فِيهِ شَهَادَةُ الْحِسْبَةِ وَصُورَتُهَا مَثَلًا أَنْ يَقُولَ الشُّهُودُ ابْتِدَاءً لِلْقَاضِي: نَشْهَدُ عَلَى فُلَانٍ بِكَذَا فَأَحْضِرْهُ لِنَشْهَدَ عَلَيْهِ فَإِنْ ابْتَدَءُوا وَقَالُوا: فُلَانٌ زَنَى فَهُمْ قَذَفَةٌ، وَإِنَّمَا تُسْمَعُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا فَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أَنَّ فُلَانًا أَعْتَقَ عَبْدَهُ أَوْ أَنَّهُ أَخُو فُلَانَةَ مِنْ الرَّضَاعِ لَمْ يَكْفِ حَتَّى يَقُولَا إنَّهُ يَسْتَرِقُّهُ أَوْ إنَّهُ يُرِيدُ نِكَاحَهَا وَمَا تُقْبَلُ فِيهِ هَلْ تُسْمَعُ فِي الدَّعْوَى قِيلَ: لَا اكْتِفَاءَ بِالْبَيِّنَةِ وَقِيلَ: نَعَمْ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ لَا تُسَاعِدُ وَيُرَادُ اسْتِخْرَاجُ الْحَقِّ بِإِقْرَارِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ (وَمَتَى حَكَمَ) الْقَاضِي (بِشَاهِدَيْنِ فَبَانَا كَافِرَيْنِ أَوْ عَبْدَيْنِ أَوْ صَبِيَّيْنِ نَقَضَهُ هُوَ وَغَيْرُهُ) لِتَيَقُّنِ الْخَطَأِ فِيهِ (وَكَذَا فَاسِقَانِ فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا فِي الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ، وَالثَّانِي لَا يُنْقَضُ؛ لِأَنَّ قَبُولَهُمَا بِالِاجْتِهَادِ وَقَبُولَ بَيِّنَةِ فِسْقِهِمَا بِالِاجْتِهَادِ، وَلَا يُنْقَضُ الِاجْتِهَادُ بِالِاجْتِهَادِ وَعُورِضَ بِأَنَّ الْحُكْمَ بِالِاجْتِهَادِ يُنْقَضُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ، (وَلَوْ شَهِدَ كَافِرٌ أَوْ عَبْدٌ أَوْ صَبِيٌّ ثُمَّ أَعَادَهَا بَعْدَ كَمَالِهِ قُبِلَتْ أَوْ فَاسِقٌ تَابَ) بَعْدَهَا وَأَعَادَهَا (فَلَا) تُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ مُتَّهَمٌ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِهِمْ، (وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ فِي غَيْرِهَا بِشَرْطِ اخْتِبَارِهِ بَعْدَ التَّوْبَةِ مُدَّةً يُظَنُّ بِهَا صِدْقُ تَوْبَتِهِ وَقَدَّرَهَا الْأَكْثَرُونَ بِسَنَةٍ) وَقِيلَ تُقَدَّرُ بِسِتَّةِ أَشْهُرٍ وَقِيلَ لَا تَتَقَدَّرُ بِمُدَّةٍ، وَيَخْتَلِفُ الظَّنُّ بِالْأَشْخَاصِ وَأَمَارَاتِ الصِّدْقِ (وَيُشْتَرَطُ فِي تَوْبَةِ مَعْصِيَةٍ قَوْلِيَّةٍ الْقَوْلُ فَيَقُولُ الْقَاذِفُ مَثَلًا: قَذْفِي بَاطِلٌ وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهِ لَا أَعُودُ إلَيْهِ، وَكَذَا شَهَادَةُ الزُّورِ) يَقُولُ فِيهَا عَلَى وِزَانِ ذَلِكَ: شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ، وَأَنَا نَادِمٌ عَلَيْهَا وَلَا أَعُودُ إلَيْهَا (قُلْت) أَخْذًا مِنْ الرَّافِعِيِّ فِي الشَّرْحِ (وَ) الْمَعْصِيَةُ (غَيْرُ الْقَوْلِيَّةِ) كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ (يُشْتَرَطُ) فِي التَّوْبَةِ مِنْهَا (إقْلَاعٌ) عَنْهَا (وَنَدَمٌ) عَلَيْهَا (وَعَزْمٌ أَنْ لَا يَعُودَ) إلَيْهَا، (وَرَدُّ ظُلَامَةِ آدَمِيٍّ إنْ تَعَلَّقَتْ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ) مِنْ مَالٍ وَغَيْرِهِ، فَيُؤَدِّي الزَّكَاةَ لِمُسْتَحِقِّهَا وَيَرُدُّ الْمَغْصُوبَ إنْ بَقِيَ وَبَدَلَهُ إنْ تَلِفَ لِمُسْتَحِقِّهِ وَيُمَكَّنُ مُسْتَحِقُّ الْقِصَاصِ وَحَدُّ الْقَذْفِ مِنْ الِاسْتِيفَاءِ وَمَا هُوَ حَدٌّ لِلَّهِ تَعَالَى كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ فَلَهُ أَنْ يُظْهِرَهُ وَيُقِرَّ بِهِ لِيُقَامَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَلَهُ أَنْ يَسْتُرَ عَلَى نَفْسِهِ وَهُوَ الْأَفْضَلُ وَإِنْ ظَهَرَ فَقَدْ فَاتَ السِّتْرُ فَيَأْتِي الْإِمَامَ وَيُقِرُّ بِهِ لِيُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدَّ.

. فَصْلٌ:

(لَا يُحْكَمُ بِشَاهِدٍ) وَاحِدٍ (إلَّا فِي هِلَالِ رَمَضَانَ) فَيُحْكَمُ بِهِ فِيهِ (فِي الْأَظْهَرِ) كَمَا تَقَدَّمَ فِي كِتَابِ الصِّيَامِ وَذِكْرَهُ هُنَا لِلْحَصْرِ فِيهِ لَا يُعَدُّ تَكْرَارًا (وَيُشْتَرَطُ لِلزِّنَا أَرْبَعَةُ رِجَالٍ) قَالَ تَعَالَى: {وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} الْآيَةَ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ اثْنَانِ) كَغَيْرِهِ (وَفِي قَوْلٍ أَرْبَعَةٌ) كَفِعْلِهِ وَلَا يَثْبُتُ اللِّوَاطُ وَإِتْيَانُ الْبَهِيمَةِ إلَّا بِأَرْبَعَةٍ وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقٍ يَثْبُتَانِ بِاثْنَيْنِ وَلَا بُدَّ فِي الشَّهَادَةِ بِزِنًا مِنْ ذِكْرِهِ مُفَسَّرًا، فَيَقُولُونَ رَأَيْنَاهُ أَدْخَلَ ذَكَرَهُ أَوْ قَدْرَ الْحَشَفَةِ مِنْهُ فِي فَرْجِهَا عَلَى سَبِيلِ الزِّنَا (وَلِمَالٍ وَعَقْدٍ مَالِيٍّ كَبَيْعٍ وَإِقَالَةٍ وَحَوَالَةٍ وَضَمَانٍ وَحَقٍّ مَالِيٍّ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ رَجُلَانِ أَوْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى: {وَاسْتَشْهِدُوا} أَيْ فِيمَا يَقَعُ لَكُمْ {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ فَعُمُومُ الْأَشْخَاصِ فِيهِ مُسْتَلْزِمٌ لِعُمُومِ الْأَحْوَالِ الْمُخَرَّجُ مِنْهُ مَا تُشْتَرَطُ فِيهِ الْأَرْبَعَةُ وَمَا لَا يَكْتَفِي فِيهِ بِالرَّجُلِ وَالْمَرْأَتَيْنِ، (وَلِغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ عُقُوبَةِ اللَّهِ تَعَالَى) كَحَدِّ الشُّرْبِ وَقَطْعِ الطَّرِيقِ وَالْقَتْلِ بِالرِّدَّةِ (أَوْ لِآدَمِيٍّ) كَالْقِصَاصِ فِي النَّفْسِ أَوْ الطَّرَفِ وَحَدِّ الْقَذْفِ (وَمَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ رِجَالٌ غَالِبًا كَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِسْلَامٍ وَرِدَّةٍ وَجَرْحٍ وَتَعْدِيلٍ وَمَوْتٍ وَإِعْسَارٍ وَوَكَالَةٍ وَوِصَايَةٍ وَشَهَادَةٍ عَلَى شَهَادَةٍ رَجُلَانِ) رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي النِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ» وَقِيسَ عَلَى الثَّلَاثَةِ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ بِجَامِعِ أَنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ وَلَا يُقْصَدُ مِنْهَا مَالٌ وَالْقَصْدُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَالْوِصَايَةِ الرَّاجِعَتَيْنِ إلَى الْمَالِ الْوِلَايَةُ وَالْخِلَافَةُ لَا الْمَالُ (وَمَا يَخْتَصُّ بِمَعْرِفَتِهِ النِّسَاءَ أَوْ لَا يَرَاهُ رِجَالٌ غَالِبًا كَبَكَارَةٍ وَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ وَرَضَاعٍ وَعُيُوبٍ تَحْتَ الثِّيَابِ) كَبَرَصٍ وَرَفَقٍ وَقَرَنٍ، (يَثْبُتُ بِمَا سَبَقَ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ) رَوَى مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ «مَضَتْ السُّنَّةُ أَنَّهُ تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيمَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ غَيْرُهُنَّ مِنْ وِلَادَةِ النِّسَاءِ وَعُيُوبِهِنَّ» وَقِيسَ بِمَا ذُكِرَ بَاقِي الْمَذْكُورَاتِ وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ تَحْتَ الثِّيَابِ عَمَّا قَالَ الْبَغَوِيُّ الْعَيْبُ فِي وَجْهِ الْحُرَّةِ وَكَفَّيْهَا لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ وَفِي وَجْهِ الْأَمَةِ وَمَا يَبْدُو عِنْدَ الْمِهْنَةِ يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ،
(وَمَا لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ لَا يَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ وَمَا ثَبَتَ بِهِمْ ثَبَتَ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ)، رَوَى مُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ»، (إلَّا عُيُوبَ النِّسَاءِ وَنَحْوَهَا) بِالنَّصْبِ فَلَا تَثْبُتُ بِرَجُلٍ وَيَمِينٍ لِخَطَرِهَا، (وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ بِامْرَأَتَيْنِ وَيَمِينٍ) لِعَدَمِ وُرُودِهِ وَقِيَامُهَا مَقَامَ رَجُلٍ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِوُرُودِهِ (وَ) فِي الشَّاهِدِ وَالْيَمِينِ (إنَّمَا يَحْلِفُ الْمُدَّعِي بَعْدَ شَهَادَةِ شَاهِدِهِ وَتَعْدِيلِهِ وَيَذْكُرُ) وُجُوبًا (فِي حَلِفِهِ صِدْقَ الشَّاهِدِ) فَيَقُولُ: وَاَللَّهِ إنَّ شَاهِدِي لَصَادِقٌ وَإِنِّي مُسْتَحِقٌّ لِكَذَا قَالَ الْإِمَامُ وَلَوْ قَدَّمَ ذِكْرَ الْحَقِّ وَأَخَّرَ تَصْدِيقَ الشَّاهِدِ لَا بَأْسَ وَذِكْرُ صِدْقِ الشَّاهِدِ لِيَحْصُلَ الِارْتِبَاطُ بَيْنَ الْيَمِينِ وَالشَّهَادَةِ الْمُخْتَلِفَتَيْ الْجِنْسِ، (فَإِنْ تَرَكَ) الْمُدَّعِي (الْحَلِفَ) بَعْدَ شَهَادَةِ الشَّاهِدِ (وَطَلَبَ يَمِينَ خَصْمِهِ فَلَهُ ذَلِكَ)؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَوَرَّعُ عَنْ الْيَمِينِ وَبِيَمِينِ الْخَصْمِ تُسْقِطُ الدَّعْوَى، (فَإِنْ نَكَلَ) عَنْ الْيَمِينِ (فَلَهُ) أَيْ الْمُدَّعِي (أَنْ يَحْلِفَ يَمِينَ الرَّدِّ فِي الْأَظْهَرِ)، وَالثَّانِي الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهُ تَرَكَ الْحَلِفَ فَلَا يَعُودُ إلَيْهِ وَعَلَى هَذَا يُحْبَسُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ حَتَّى يَحْلِفَ أَوْ يُقِرَّ وَعَلَى الْأَوَّلِ لَوْ لَمْ يَحْلِفْ الْمُدَّعِي سَقَطَ حَقُّهُ مِنْ الْيَمِينِ وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ الْخَصْمِ كَمَا سَيَأْتِي فِي كِتَابِ الدَّعْوَى (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ أَمَةٌ وَوَلَدُهَا)، يَسْتَرِقُّهُمَا، (فَقَالَ رَجُلٌ هَذِهِ مُسْتَوْلَدَتِي عَلِقَتْ بِهَذَا فِي مِلْكِي وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (ثَبَتَ الِاسْتِيلَادُ)؛ لِأَنَّ حُكْمَ الْمُسْتَوْلَدَةِ حُكْمُ الْمَالِ فَتُسَلَّمُ إلَيْهِ، وَإِذَا مَاتَ حُكِمَ بِعِتْقِهَا بِإِقْرَارِهِ (لَا نَسَبَ الْوَلَدِ وَحُرِّيَّتَهُ فِي الْأَظْهَرِ)؛ لِأَنَّهُمَا لَا يَثْبُتَانِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فَيَبْقَى الْوَلَدُ فِي يَدِ صَاحِبِ الْيَدِ، وَفِي ثُبُوتِ نَسَبِهِ مِنْ الْمُدَّعِي بِالْإِقْرَارِ مَا ذُكِرَ فِي بَابِهِ وَالثَّانِي يَثْبُتَانِ تَبَعًا لَهَا فَيُنْتَزَعُ الْوَلَدُ مِنْ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونُ حُرًّا نَسِيبًا بِإِقْرَارِ الْمُدَّعِي، (وَلَوْ كَانَ بِيَدِهِ غُلَامٌ) يَسْتَرِقُّهُ (فَقَالَ رَجُلٌ كَانَ لِي وَأَعْتَقْتُهُ وَحَلَفَ مَعَ شَاهِدٍ) أَوْ شَهِدَ لَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ بِذَلِكَ (فَالْمَذْهَبُ انْتِزَاعُهُ وَمَصِيرُهُ حُرًّا) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ وَمِنْهُمْ مَنْ خَرَّجَ قَوْلًا مِنْ مَسْأَلَةِ الِاسْتِيلَادِ بِنَفْيِ ذَلِكَ فَجَعَلَ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَيْنِ وَمِنْهُمْ مَنْ قَطَعَ بِالْأَوَّلِ وَهُوَ الرَّاجِحُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ، وَالْفَرْقُ أَنَّ الْمُدَّعِيَ هُنَا يَدَّعِي مِلْكًا وَحُجَّتُهُ تَصْلُحُ لِإِثْبَاتِهِ، وَالْعِتْقُ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ (وَلَوْ ادَّعَتْ وَرَثَةٌ مَالًا لِمُوَرِّثِهِمْ وَأَقَامُوا شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ بَعْضُهُمْ أَخَذَ نَصِيبَهُ وَلَا يُشَارِكُ فِيهِ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ،
(وَيَبْطُلُ حَقُّ مَنْ لَمْ يَحْلِفْ بِنُكُولِهِ إنْ حَضَرَ وَهُوَ كَامِلٌ فَإِنْ كَانَ غَائِبًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ لَا يَقْبِضُ نَصِيبَهُ فَإِذَا زَالَ عُذْرُهُ حَلَفَ وَأَخَذَ بِغَيْرِ إعَادَةِ شَهَادَةٍ)، وَقِيلَ فِي قَوْلٍ يَقْبِضُ نَصِيبَهُ وَيُوقَفُ وَلَوْ تَغَيَّرَ حَالُ الشَّاهِدِ قَبْلَ الْحَلِفِ لَمْ يَقْدَحْ فِي أَحَدِ وَجْهَيْنِ (وَلَا تَجُوزُ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلٍ كَزِنًا وَغَصْبٍ وَإِتْلَافٍ وَوِلَادَةٍ) وَرَضَاعٍ (إلَّا بِالْإِبْصَارِ) لَهُ مَعَ فَاعِلِهِ فَلَا يَكْفِي فِيهِ السَّمَاعُ مِنْ الْغَيْرِ، (وَتُقْبَلُ) فِيهِ (مِنْ أَصَمَّ) لِإِبْصَارِهِ (وَالْأَقْوَالُ كَعَقْدٍ) وَفَسْخٍ وَإِقْرَارٍ بِهِمَا (يُشْتَرَطُ سَمْعُهَا وَإِبْصَارُ قَائِلِهَا) فَلَا تُقْبَلُ فِيهَا شَهَادَةُ أَصَمَّ لَا يَسْمَعُ شَيْئًا، (وَلَا يُقْبَلُ أَعْمَى) حَمَلَ شَهَادَةً فِي مُبْصِرٍ، (إلَّا أَنْ يُقِرَّ) رَجُلٌ (فِي أُذُنِهِ) بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ مَالٍ لِرَجُلٍ مَعْرُوفِ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ (فَيَتَعَلَّقُ بِهِ حَتَّى يَشْهَدَ) عَلَيْهِ (عِنْدَ قَاضٍ بِهِ) فَيُقْبَلُ (عَلَى الصَّحِيحِ)، وَالثَّانِي الْمَنْعُ سَدًّا لِلْبَابِ (وَلَوْ حَمَلَهَا بَصِيرٌ ثُمَّ عَمِيَ شَهِدَ إنْ كَانَ الْمَشْهُودُ لَهُ وَعَلَيْهِ مَعْرُوفَيْ الِاسْمِ وَالنَّسَبِ) بِخِلَافِ مَجْهُولَيْهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا أَخْذًا مِنْ مَفْهُومِ الشَّرْطِ، (وَمَنْ سَمِعَ قَوْلَ شَخْصٍ أَوْ رَأَى فِعْلَهُ فَإِنْ عَرَفَ عَيْنَهُ وَاسْمَهُ وَنَسَبَهُ شَهِدَ عَلَيْهِ فِي حُضُورِهِ إشَارَةً وَعِنْدَ غَيْبَتِهِ وَمَوْتِهِ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ فَإِنْ جَهِلَهُمَا لَمْ يَشْهَدْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَغَيْبَتِهِ)، وَكَذَا إنْ جَهِلَ أَحَدَهُمَا فِيمَا يَظْهَرُ.
(وَلَا يَصِحُّ تَحَمُّلُ شَهَادَةٍ عَلَى مُنْتَقِبَةٍ) بِالنُّونِ قَبْلَ التَّاءِ مَنْ انْتَقَبَتْ كَمَا فِي الصِّحَاحِ، (اعْتِمَادًا عَلَى صَوْتِهَا) فَإِنَّ الْأَصْوَاتَ تَتَشَابَهُ (فَإِنْ عَرَفَهَا بِعَيْنِهَا أَوْ بِاسْمٍ وَنَسَبٍ جَازَ) التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا مُنْتَقِبَةً (وَيَشْهَدُ عِنْدَ الْأَدَاءِ بِمَا يَعْلَمُ) مِمَّا ذُكِرَ فَيَشْهَدُ فِي الْعِلْمِ بِعَيْنِهَا عِنْدَ حُضُورِهَا وَفِي الْعِلْمِ بِالِاسْمِ وَالنَّسَبِ عِنْدَ غَيْبَتِهَا وَمَوْتِهَا، (وَلَا يَجُوزُ التَّحَمُّلُ عَلَيْهَا بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ أَوْ عَدْلَيْنِ) أَنَّهَا فُلَانَةُ بِنْتُ فُلَانٍ (عَلَى الْأَشْهَرِ)، الْمُعَبَّرُ بِهِ فِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ، وَقِيلَ يَجُوزُ بِتَعْرِيفِ عَدْلٍ؛ لِأَنَّهُ خَبَرٌ، وَقِيلَ بِتَعْرِيفِ عَدْلَيْنِ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ الشَّهَادَةِ عَلَى النَّسَبِ بِالسَّمَاعِ مِنْهُمَا وَالْأَوَّلُ مَبْنِيٌّ عَلَى اشْتِرَاطِ السَّمَاعِ مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ (وَالْعَمَلُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ الْأَشْهَرُ وَهُوَ التَّحَمُّلُ بِمَا ذُكِرَ وَفِي ذِكْرِ الْعَمَلِ بِهِ الْمَزِيدُ عَلَى الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا إشَارَةٌ إلَى الْمَيْلِ إلَيْهِ (وَلَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ عَلَى عَيْنِهِ بِحَقٍّ فَطَلَبَ الْمُدَّعِي التَّسْجِيلَ سَجَّلَ الْقَاضِي بِالْحِلْيَةِ لَا الِاسْمِ وَالنَّسَبِ مَا لَمْ يُثْبِتَا)، وَلَا يَكْفِي فِيهِمَا قَوْلُ الْمُدَّعِي وَلَا إقْرَارُ مَنْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ؛ لِأَنَّ نَسَبَ الشَّخْصِ، لَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارِهِ، وَيَثْبُتُ بِبَيِّنَةِ حِسْبَةٍ عَلَى الصَّحِيحِ فَإِذَا قَامَتْ عِنْدَ الْقَاضِي بِنَسَبِهِ سَجَّلَ بِهِ (وَلَهُ الشَّهَادَةُ بِالتَّسَامُعِ عَلَى نَسَبٍ) لِذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى (مِنْ أَبٍ وَقَبِيلَةٍ وَكَذَا أُمٍّ فِي الْأَصَحِّ) كَالْأَبِ، وَالثَّانِي الْمَنْعُ لِإِمْكَانِ رُؤْيَةِ الْوِلَادَةِ (وَمَوْتٍ عَلَى الْمَذْهَبِ) وَفِي وَجْهٍ مِنْ طَرِيقِ الْمَنْعِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ الْمُعَايَنَةُ، (لَا عِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوَقْفٍ وَنِكَاحٍ وَمِلْكٍ فِي الْأَصَحِّ)؛ لِأَنَّ مُشَاهَدَةَ أَسْبَابِهَا مُتَيَسِّرَةٌ وَعِبَارَةُ الْمُحَرَّرِ فِيهَا رَجَّحَ الْمَنْعَ،
(قُلْت الْأَصَحُّ عِنْدَ الْمُحَقِّقِينَ وَالْأَكْثَرِينَ فِي الْجَمِيعِ الْجَوَازُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ)؛ لِأَنَّ مُدَّتَهَا تَطُولُ فَتَعْسُرُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى ابْتِدَائِهَا فَتَمَسُّ الْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهَا بِالتَّسَامُعِ وَالرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ نَقَلَ فِي غَيْرِ الْمِلْكِ الْمَنْعَ عَنْ طَائِفَةٍ وَالْجَوَازَ عَنْ أُخْرَى، زَادَ فِي الرَّوْضَةِ الْجَوَازُ أَقْوَى وَأَصَحُّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَسَكَتَ فِيهَا عَلَى قَوْلِ الرَّافِعِيِّ فِي الْمِلْكِ أَقْرَبُ الْوَجْهَيْنِ إلَى إطْلَاقِ الْأَكْثَرِينَ الْجَوَازَ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَى آخِرِهِ، (وَشَرْطُ التَّسَامُعِ) فِي اسْتِنَادِ الشَّهَادَةِ إلَيْهِ (سَمَاعُهُ) أَيْ الْمَشْهُودِ بِهِ (مِنْ جَمْعٍ يُؤْمَنُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ)، لِكَثْرَتِهِمْ فَيَقَعُ الْعِلْمُ أَوْ الظَّنُّ الْقَوِيُّ بِخَبَرِهِمْ (وَقِيلَ يَكْفِي) سَمَاعُهُ (مِنْ عَدْلَيْنِ) وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا تُشْتَرَطُ الْعَدَالَةُ وَلَا الْحُرِّيَّةُ وَالذُّكُورَةُ وَعَبَّرَ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا فِي الثَّلَاثَةِ بِيَنْبَغِي (وَلَا تَجُوزُ الشَّهَادَةُ عَلَى مِلْكٍ بِمُجَرَّدِ يَدٍ) أَوْ تَصَرُّفٍ، (وَلَا بِيَدٍ وَتَصَرُّفٍ فِي مُدَّةٍ قَصِيرَةٍ، وَتَجُوزُ فِي طَوِيلَةٍ فِي الْأَصَحِّ)، وَالثَّانِي قَالَ قَدْ يُوجَدُ إنْ مِنْ غَاصِبٍ وَوَكِيلٍ وَمُسْتَأْجِرٍ، وَمَرْجِعُ الطُّولِ وَالْقِصَرِ الْعُرْفُ وَقِيلَ أَقَلُّ الطَّوِيلَةِ سَنَةٌ (وَشَرْطُهُ) أَيْ التَّصَرُّفِ الْمُنْضَمِّ إلَى الْبَلَدِ (تَصَرُّفُ مُلَّاكٍ) فِي الْعَقَارِ، (مِنْ سُكْنَى وَهَدْمٍ وَبِنَاءٍ وَبَيْعٍ) وَفَسْخٍ بَعْدَهُ (وَرَهْنٍ) وَلَا يَكْفِي التَّصَرُّفُ مَرَّةً وَاحِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْصُلُ ظَنًّا (وَتُبْنَى شَهَادَةُ الْإِعْسَارِ عَلَى قَرَائِنِ وَمَخَايِلِ الضُّرِّ وَالْإِضَاقَةِ) مَصْدَرُ أَضَاقَ الرَّجُلُ ذَهَبَ مَالُهُ وَالضِّيقُ بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ مَصْدَرُ ضَاقَ الشَّيْءُ وَبِالْفَتْحِ جَمْعُ الضِّيقَةِ، وَهِيَ الْفَقْرُ وَسُوءُ الْحَالِ وَالضَّرُّ بِالْفَتْحِ خِلَافُ النَّفْعِ وَبِالضَّمِّ الْهُزَالُ وَسُوءُ الْحَالِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ هُنَا، وَمَخَايِلُ جَمْعُ مَخِيلَةٍ مِنْ خَالَ بِمَعْنَى ظَنَّ أَيْ مَا يُظَنُّ بِهَا مَا ذُكِرَ بِأَنْ يُرَاقِبَ الشَّاهِدُ الْمَشْهُودَ لَهُ فِي خَلَوَاتِهِ وَذَلِكَ طَرِيقٌ لِخِبْرَةِ بَاطِنِهِ الَّتِي ذُكِرَ فِيهَا فِي التَّفْلِيسِ، وَشَرْطُ شَاهِدِهِ أَيْ إعْسَارِ شَخْصٍ خِبْرَةَ بَاطِنِهِ.

. فَصْلٌ:

(تَحَمُّلُ الشَّهَادَةِ فَرْضُ كِفَايَةٍ فِي النِّكَاحِ وَكَذَا الْإِقْرَارُ وَالتَّصَرُّفُ الْمَالِيُّ وَكِتَابَةُ الصَّكِّ فِي الْأَصَحِّ) أَمَّا فَرْضِيَّةُ التَّحَمُّلِ فِي النِّكَاحِ فَلِتَوَقُّفِ الِانْعِقَادِ عَلَيْهِ وَفِي الْإِقْرَارِ وَتَالِيهِ لِلْحَاجَةِ إلَى إثْبَاتِهِمَا عِنْدَ التَّنَازُعِ وَالثَّانِي قَالَ لَا تَتَوَقَّفُ صِحَّتُهُمَا وَاسْتِيفَاءُ مَقَاصِدِهِمَا عَلَيْهِ، وَقَالَ هُوَ مَنْدُوبٌ وَأَمَّا فَرْضِيَّةُ كِتَابَةِ الصَّكِّ؛ فَلِأَنَّهَا لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا فِي حِفْظِ الْحَقِّ وَالْمَالِ، وَلَهَا أَثَرٌ ظَاهِرٌ فِي التَّذَكُّرِ وَالثَّانِي قَالَ هِيَ مَنْدُوبَةٌ وَالْفَرْضِيَّةُ فِيهَا دُونَهَا فِيمَا قَبْلَهَا الْمُعَبَّرِ فِيهِ فِي الرَّوْضَةِ بِالصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ بِالشَّاهِدِ لَا بِهَا، فَفِي التَّعْبِيرِ بِالْأَصَحِّ فِي الثَّلَاثِ تَغْلِيبٌ لِلثَّالِثَةِ ثُمَّ عَلَى فَرْضِيَّةِ التَّحَمُّلِ مَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَلْزَمُهُ إذَا حَضَرَهُ الْمُحَمَّلُ فَإِنْ دُعِيَ لِلتَّحَمُّلِ فَالْأَصَحُّ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمُحَمَّلُ مَرِيضًا أَوْ مَحْبُوسًا أَوْ امْرَأَةً مُخَدَّرَةً أَوْ قَاضِيًا يُشْهِدُهُ عَلَى أَمْرٍ ثَبَتَ عِنْدَهُ فَتَلْزَمُهُ الْإِجَابَةُ (وَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَضِيَّةِ إلَّا اثْنَانِ) بِأَنْ لَمْ يَتَحَمَّلْ سِوَاهُمَا أَوْ مَاتَ غَيْرُهُمَا أَوْ جُنَّ أَوْ فَسَقَ أَوْ غَابَ، (لَزِمَهُمَا الْأَدَاءُ) إذَا دُعِيَا لَهُ قَالَ تَعَالَى {وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إذَا مَا دُعُوا} (فَلَوْ أَدَّى وَاحِدٌ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ وَقَالَ) لِلْمُدَّعِي (احْلِفْ مَعَهُ عَصَى)؛ لِأَنَّ مِنْ مَقَاصِدِ الْإِشْهَادِ التَّوَرُّعُ عَنْ الْيَمِينِ (وَإِنْ كَانَ) فِي الْقَضِيَّةِ (شُهُودٌ) كَأَرْبَعَةٍ (فَالْأَدَاءُ فَرْضُ كِفَايَةٍ) عَلَيْهِمْ (فَلَوْ طُلِبَ مِنْ اثْنَيْنِ) مِنْهُمْ (لَزِمَهُمْ فِي الْأَصَحِّ) وَإِلَّا لَأَفْضَى إلَى التَّوَاكُلِ، وَالثَّانِي قَاسَ عَلَى مَا إذَا دُعِيَا لِلتَّحَمُّلِ لَا تَلْزَمُهُمَا الْإِجَابَةُ وَالْفَرْقُ ظَاهِرٌ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ) فِي الْقَضِيَّةِ (إلَّا وَاحِدٌ لَزِمَهُ) الْأَدَاءُ، (إنْ كَانَ فِيمَا يَثْبُتُ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ وَإِلَّا فَلَا) يَلْزَمُهُ (وَقِيلَ لَا يَلْزَمُ الْأَدَاءُ إلَّا مَنْ تَحَمَّلَ قَصْدًا لَا اتِّفَاقًا) وَالْأَصَحُّ يَلْزَمُ الْآخَرَ.
(وَلِوُجُوبِ الْأَدَاءِ شُرُوطٌ أَنْ يُدْعَى مِنْ مَسَافَةِ الْعَدْوَى) فَأَقَلَّ، وَهِيَ كَمَا تَقَدَّمَ الَّتِي يَرْجِعُ مِنْهَا مُبَكِّرًا لَيْلًا إلَى مَوْضِعِهِ (وَقِيلَ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ) وَهَذَا يَزِيدُ عَلَى الْأَوَّلِ بِمَا بَيْنَ الْمَسَافَتَيْنِ فَإِنْ دُعِيَ مِنْ مَسَافَةِ الْقَصْرِ لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْحُضُورُ لِلْأَدَاءِ لِبُعْدِهَا (وَأَنْ يَكُونَ عَدْلًا فَإِنْ دُعِيَ ذُو فِسْقٍ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ) كَشَارِبِ الْخَمْرِ (قِيلَ أَوْ مُخْتَلَفٌ فِيهِ) كَشَارِبٍ النَّبِيذِ (لَمْ يَجِبْ) عَلَيْهِ الْأَدَاءُ وَالْأَصَحُّ فِي الثَّانِي وُجُوبُ الْأَدَاءِ وَإِنْ عُهِدَ مِنْ الْقَاضِي رَدُّ الشَّهَادَةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَغَيَّرُ اجْتِهَادُهُ (وَأَنْ لَا يَكُونَ مَعْذُورًا بِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ) كَتَخْدِيرِ الْمَرْأَةِ، (فَإِنْ كَانَ أَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَوْ بَعَثَ الْقَاضِي مِنْ يَسْمَعُهَا) وَإِذَا اجْتَمَعَتْ الشُّرُوطُ وَكَانَ فِي صَلَاةٍ أَوْ حَمَّامٍ أَوْ عَلَى طَعَامٍ فَلَهُ التَّأْخِيرُ إلَى أَنْ يَفْرُغَ.